تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

أولاً مفهوم المساواة وعدم التمييز

+ المساواة من الجذر "سوَى"، أي التماثل والتكافؤ بين الأشياء أو الأشخاص في القدر أو القيمة أو الاستحقاق. ويقال: "ساوى بين الناس" أي جعلهم في مستوى واحد.

أما التمييز فهو التفريق أو الفصل أو التفرقة على أساس معين. وبالتالي فإن "عدم التمييز" يعني رفع الفوارق المصطنعة التي تضع إنسانًا في مرتبة أعلى أو أدنى من غيره. فمن الناحية اللغوية، المساواة هي المعاملة على قدم المساواة، وعدم التمييز هو ضمان عدم إقصاء أو ظلم أحد بسبب أي فارق شخصي أو اجتماعي.

+ والمساواة وعدم التمييز القانوني.. فالمبدأ القانوني ينص على أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون، ويتمتعون بحقوق وحريات متكافئة دون تمييز. ومعظم دساتير العالم الحديثة تتضمن نصوصًا صريحة تحظر التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو اللغة أو الوضع الاجتماعي. والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) في مادته الأولى يقول: "يولد جميع الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق." كما توجد تشريعات وسياسات لمكافحة التمييز، مثل قوانين العمل التي تمنع التفرقة في الأجور على أساس الجنس، وقوانين تجرّم خطاب الكراهية.

+ المساواة وعدم التمييز في علم الاجتماع

 المساواة تعني عدالة توزيع الفرص والموارد والحقوق بين أفراد المجتمع. وعدم التمييز يعني تفكيك البنى الاجتماعية التي تولّد الامتياز لفئة على حساب أخرى مثل الطبقية، والمساواة تتحقق عندما تُوزَّع الحقوق والواجبات بشكل عادل ويُتاح للجميع فرص متساوية.

ويفرق علماء الاجتماع بين المساواة الشكلية في نصوص القانون والمساواة الفعلية وتطبيقها في الواقع.

+ في الواقع العملي نواجه تحديات في المساواة وعدم التمييز رغم وجود نصوص قانونية، فالواقع يكشف عن فجوات كبيرة مثل تمييز في سوق العمل والتمييز العرقي أو الديني في بعض الدول. والتمييز على أساس المستوى الاقتصادي أو الطبقي. ويجب أن تبذل النظم السلسية والمنظمات الحقوقية جهدها لمحاربة الفساد والمحسوبية وعلي المستوى الفردي والعام لتتحقق المساواة تدريجيًا عبر التربية، نشر ثقافة احترام الآخر، وتعزيز قيم العدل. فالمساواة وعدم التمييز ليستا مجرد مفاهيم لغوية أو مواد قانونية، بل هما أساس لمجتمع عادل يضمن الكرامة الإنسانية ويحتاج للوعي والتربية، والممارسة العملية.

ثانياً : المساواة في الكتاب المقدس

يؤكد الإنجيل المساواة وعدم التمييز { قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ.} (مي ٦: ٨). ولقد تنبأ اشعياء علي خلاص السيد المسيح للكل لاسيما المساكين والماسورين  {رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ. }(إش ٦١: ١). ففي المسيح ومعه يتساوي الكل { ليس بعد يهودي ولا يوناني، ليس عبد ولا حر، ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع. }(غل ٢٨:٣). فالخلاص والكرامة والمكانة في المسيح لا تُقسَّم الناس حسب الجنس أو العرق أو الوضع الاجتماعي. ويحذر الكتاب من محاباة الأشخاص حسب المظهر أو الحالة المادية، فتفضيل الغني على الفقير يُعد خطيئة ومحاباة غير عدالة ( يع ١:٢-١٠). فليس لدى الله محاباة { فَفَتَحَ بُطْرُسُ فَاهُ وَقَالَ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ.} (أع ١٠: ٣٤، ٣٥) . وفي المسيح يتساوى الكل{ ليس يوناني ولا يهودي ولا مختون ولا غير مختون، برابري ولا سِكّيثي، عبد أو حر، بل المسيح هو الكل وفي الكل }( كو ١١:٣) ومن الظلم أن يُعامل الاشخاص بمعيارين مختلفين دون عدالة حسب العرق، الجنس، الوضع الاقتصادي، العبودية. والتمييز هنا يعني وضع حواجز، أو اعتبار فئات من الناس أقل قيمة أو أقل حقًّا في المشاركة أو في الكرامة الإنسانية.

+ المساواة وعدم الظلم في فكر الآباء

  • يقول لاكتانتيوس (Lactantius)

في كتاباته أن بين الناس لا فرق حقيقي في الروح، مسيحي حر أو عبد، غني وفقير “نحن إخوة في الروح  ويؤكد أن المساواة بين المؤمنين ليست مساواة دينية فقط بل مسيحية أخلاقية تجاه الآخر. ويؤكد الآباء المُبكّرون عمومًا على أن الكرامة الإنسانية المتأصلة، كما أن من يشترك في الإيمان بالمسيح يُعتبر أخًا/أختًا، ويجب أن يُعطى الاحترام والعناية. مثلاً، في تعاليم بعض الآباء يُدان الاستغلال، للفقير، أوالظلم الاجتماعي.

+ وكان القديس يوحنا الذهبي الفم من الأصوات القوية في مكافحة التمييز الاجتماعي، مطالبًا الأغنياء بالاعتناء بالفقراء، ومنادياً بضرورة العدالة المجتمع.

ثالثاً: اهمية المساواة

  • المساواة تنعكس من صورة الله علي الإنسان فكل إنسان مخلوق “على صورة الله” (تك٢٧:١). وهذا يمنح كل فرد كرامة وأحترام.
  • إنها شرط أساسي لتجسيد محبة الله والعشرة المسيحية الحقيقية؛ لأن المحبة الحقة لا تُميز بين أخ واخت وأخر ، بل تُحب الغير كما تحب النفس.
  • العدالة تُعد من ثمار الروح القدس مثلها كمثل الأمانة، السلام، الفرح، كجزء من رسالة الأنبياء والمسيحله المجد.

ومن الناحية النفسية

  • الشخص الذي يعاني من التمييز يشعر بالاغتراب، انخفاض الكرامة الذاتية، القلق، الاكتئاب.
  • المساواة تُعزز الثقة بالنفس، الانتماء، الإحساس بالعدل، وترفع من قدر الفرد في عينه وفي عيون الآخرين.
  • من دون مساواة، تتراكم الجروح النفسية، تؤدي إلى صراعات، إلى تأزم العلاقات الاجتماعية، وربما إلى العنف.

من الناحية الاجتماعية

  • المجتمعات التي تحترم المساواة والتنمية العادلة تنمو أسرع، أكثر استقرارًا، أكثر إنصافًا في توزيع الموارد.
  • التمييز والظلم يقوض الثقة الاجتماعية، يشجع الصراعات، يؤدي إلى التهميش، الفقر، البطالة، انهيار النسيج الاجتماعي.
  • العدالة والمساواة من عوامل السلام، تحول الانقسامات إلى شراكات، تزيد من التماسك والتعاون بين المجموعات.

وكمثال عملي من نضال أشخاص في سبيل المساواة مارتن لوثر كينغ جونيور (Martin Luther King Jr.) الذي قاد حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة في الستينات لمناهضة التمييز العنصري تجاه السود، مستندًا إلى القيم المسيحية للعدالة، المحبة، اللاعنف. وفي شعره “لدي حلم” يعكس الأمل في مجتمع يحقق المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين.

+ المساواة وعدم التمييز ليس موضوعًا أخلاقيًا أو اجتماعيًا، بل هي أمر روحي أساسي في المسيحية، التي تُظهر محبة الله وحقّ الإنسان في الكرامة، وفي الحضور أمام الله. وعلى الفرد أن يعيش هذه القيمة، وعلى المجتمع أن يبني مؤسساته على أساسها، لأن التقدم الحقيقي لا يتحقق إلا إذا أعطيت الكرامة لكل إنسان وزالت الجدران التي تفصل بين الناس.

المراجع

  • الكتاب المقدس
  • Lactantius, Of the Duties of the Just Man and the Equity of Christians.
  • أقوال يوحنا الذهبي
  • كتب عن مارتن لوثر كينغ، الحقوق المدنية، مثل Why We Can’t Wait، Stride Toward Freedom.
  • دراسات اجتماعية معاصرة كالأبحاث التي تربط عدم المساواة بمؤشرات الصحة، التعليم، السعادة. (أبحاث جامعة يورك).

 ✍ صفحة مقالات أبونا إفرايم الأنبا بيشوي

حكم من الحياة

+ صبرك على الشدائد، مهارة تستحق التقدير.

+ الإنسان الناجح لديه خطة لحياته أما الفاشل فلديه تبريرات.

+ حينما تقسو عليك الحياة أحذر أن تصبح مثلها وتقسو على مَن حولك.

+ لا علاقة للزمن بالنضج، نحن نكبر من خلال التجارب.

+ ما أجمل النظافة، ولكن أعظمها عندما تكون في ضمائرنا وعقولنا.

+ يقولون إن الوقت سيغير كل شئ، ثق  أن لا شئ سيتغير إن لم تتغير أنت.

+ في المواقف يظهر الأصدقاء، في الشدائد يظهر  الرجال، وفي الغضب تظهر التربية.

+ لا تحزن إذا أوجعتك الحياة فقد تكون كالأم تضرب ابنها مُجبَرة كى يتعلم في المرات المقبلة.

+ أخطاؤنا تظهر لنا ما نحن بحاجة إلى تعلمه.

+ كل شئ ممكن أن يكون له فرصة ثانية، إلا الثقة إذا ذهبت فلن تعود.

 

 ✍ صفحة مقالات أبونا إفرايم الأنبا بيشوي