• 01-1.jpg
  • 01-2.jpg
  • 01-3.jpg
  • 01-4.jpg
  • 01-5.jpg
  • 01-6.jpg
  • 01-7.jpg
  • 01-8.jpg
  • 01-9.jpg
  • 01-10.jpg
  • 01-11.jpg
  • 01-12.jpg
  • 01-13.jpg
  • 01-14.jpg
  • 01-15.jpg
  • 01-16.jpg
  • 01-17.jpg
  • 01-18.jpg
  • 01-19.jpg
  • 01-20.jpg

صفحة المتحدث الرسمي بإسم الكنيسة القبطية الارثوذكسية

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

يشهد العالم المعاصر تيارات الإلحاد واللادينية، خاصة في أوساط الشباب المتأثر بالفكر العلمي والمادي والنزعات الفردية الحديثة. ولم يعد الإلحاد مجرد إنكار لوجود الله، بل أصبح منهج فكري يسعى إلى تفسير الوجود دون حاجة إلى الإيمان، متكئًا على العلم التجريبي والنسبية الأخلاقية. والمسيحية منذ نشأتها لم تهرب من مواجهة الشك، بل قدمت ردودًا عقلية وروحية عميقة تؤكد أن الإيمان لا يناقض العقل، بل يسمو به إلى الحقيقة الكاملة في الله.

أولًا: جذور الإلحاد المعاصر

الإلحاد الحديث ليس وليد اليوم، بل هو ثمرة لتطور فلسفي طويل بدأ مع عصر التنوير في اوربا، حيث نادى الفلاسفة بالعقل كمصدر وحيد للمعرفة، واستبعاد الله من دائرة الفكر العلمي. ثم اذداد في القرن التاسع عشر مع لودفيغ فويرباخ الذي اعتبر الله إسقاطًا لرغبات الإنسان وكارل ماركس الذي رأى أن الدين “أفيون الشعوب”. ثم فريدريك نيتشه الذي أعلن “موت الإله”. وسيغموند فرويد الذي فسّر الإيمان بأنه إسقاط نفسي لحاجة الإنسان إلى الأب. أما اليوم، فالإلحاد يرتدي ثوب “العلم” و”الحرية الشخصية” و”حقوق الإنسان”، لكنه غالبًا ما يُقصي البعد الروحي ويختزل الإنسان في بعده المادي فقط.

ثانيًا: الكتاب المقدس والآباء ومواجهة الإلحاد

+ الكتاب المقدس لا يناقش وجود الله كموضوع جدلي، بل يعلنه كحقيقة أزلية لكن الجاهل يقول { قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ إِلَهٌ} (مز١:١٤). وفي العهد الجديد، يعلن القديس بولس أن الخلق يشهد لوجود الله: { لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرَى مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ} (رو 1: 20). والكتاب المقدس لا يدعونا إلى إيمان أعمى، بل إلى إيمان عقلي مستنير بالوحي، حيث يعمل العقل والإيمان معًا لا ضد بعضهما.

+ الآباء القديسون أكدوا دومًا أن العقل عطية إلهية تُستخدم لفهم الإيمان. فيقول القديس أثناسيوس الرسولي في كتابه تجسد الكلمة: "الله لم يترك نفسه بلا شاهد، بل أودع في الإنسان عقلًا ليميز به وجود الخالق في الخليقة.". وأما القديس أوغسطينوس فيقول: "آمن لكي تفهم، وافهم لكي تؤمن أكثر."  ويقول القديس غريغوريوس النزينزي: "العقل هو النور الذي يقودنا إلى معرفة الله، ولكن الإيمان هو الذي يجعلنا نحيا فيه." من هنا، فالإيمان المسيحي ليس انفعالًا عاطفيًا، بل هو التقاء بين نور العقل ونور النعمة.

ثالثا: البعد النفسي للإلحاد في علم النفس..

علم النفس المسيحي يرى أن كثيرًا من صور الإلحاد تنبع من جراح نفسية أكثر منها مناقشات عقلية وحتى الإحباطات الروحية من صورة قاسية أو خاطئة عن الله.

والتجارب المؤلمة تجعل البعض يرفض وجود إله يسمح بالألم. والبعض تحت سيطرة نزعة استقلالية يرفض السلطة والقيود الأخلاقية. ويرى فيكتور فرانكل مؤسس العلاج بالمعنى أن فقدان الإيمان يؤدي إلى “الفراغ الوجودي” الذي يولد القلق والاكتئاب. فالإيمان بالله لا يملأ الفراغ الفكري فقط، بل يشفي جراح النفس بإعطائها معنى للألم والوجود.

رابعاً: الرد الفلسفي والعقلي على الإلحاد

الفلسفة المسيحية تقدم حججًا عقلية قوية ضد الإلحاد، منها:

  • البرهان الكوني: كل موجود له علة، والعلة الأولى هي الله.
  • البرهان الغائي: النظام الدقيق في الكون يدل على وجود عقل عظيم منظم وراءه.
  • البرهان الأخلاقي: وجود ضمير أخلاقي كوني يشير إلى مصدر مطلق للخير.
  • البرهان الوجودي: توق الإنسان إلى الكمال والخلود يدل على أن هناك من يغرس فيه هذا الشوق الإلهي.

كما قال سي. إس. لويس: "لو لم يكن في الكون إله، لما وُجد فيّ هذا العطش إلى ما لا يُشبع في العالم."

خامساً: مواجهة الإلحاد في عالم اليوم

  1. بالإيمان الحي

الإيمان ليس مجرد أفكار، بل علاقة شخصية مع الله في المسيح يسوع ربنا الذي قال: {طوبى للذين آمنوا ولم يروا} (يو 20: 29). والإيمان الحقيقي يُختبر بالصلاة والمحبة وخدمة الآخرين.

  1. بالعقل المستنير

ينبغي للمؤمنين أن يعرفوا كيف يجاوبوا عن سبب الرجاء الذي فيهم { بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ.} (١ بط ٣: ١٥). نحتاج إلى تنمية دراسة اللاهوت الدفاعي في التعليم الكنسي والشبابي وحتى في العظات التى يقدمها الخدام للشعب.

  1. بالقدوة والشهادة

القديس يوستينوس الشهيد غيّر ورد كثير من فلاسفة عصره للإيمان المسيحي بشهادة حياته لا بالحجج فقط. اليوم أيضًا، الحياة المسيحية الأصيلة هي أقوى رد على الإلحاد.

+ الإيمان قوة شفاء وعلاج في زمن الشك والفراغ، يقدم الإيمان بالمسيح شفاءً شامل للعقل ويهب المعنى والقيمة والفهم والحكمة للنفس ويحرر من القلق والعبثية ويعطى الأمان والسلام للروح حيث يربط الإنسان بالله مصدر الوجود. الإيمان لا يُلغي السؤال، بل يمنحه اجابات شافية ويهب الحياة سلام وراحه وفرح ابدي.

+ الإلحاد المعاصر هو تحدٍّى وفرصة في آن واحد. إنه يدعونا إلى تجديد شهادتنا عن الإيمان الحي والعقل المتزن، وإلى تقديم المسيحية لا كفكر نظري بل كخبرة حب وحرية ومعنى. الإيمان بالمسيح لا يقف ضد العقل، بل يرفعه ليبلغ الخلاص والسلام والنور الكامل الذي نستمده من الله، أمين.

القمص أفرايم الأنبا بيشوى

المراجع المقترحة

  • الكتاب المقدس
  • القديس أثناسيوس الرسولي، تجسد الكلمة.
  • القديس أوغسطينوس، الاعترافات ومدينة الله.
  • القديس يوستينوس الشهيد، الدفاع الأول عن المسيحية.
  • الأنبا اغريغوريوس. اللإهوت الدفاعى في الفكر المسيحي
  • سي. إس. لويس، مجرد مسيحية (Mere Christianity).
  • فيكتور فرانكل، الإنسان يبحث عن معنى.
  • توما الأكويني، الخلاصة اللاهوتية (Summa Theologica).

 ✍ صفحة مقالات أبونا إفرايم الأنبا بيشوي